هل أنا حقاً أرَكاني؟
من بينِ دموعٍ حرّى ..
تذرفها العينانِ ؛
عانقتُ على شاشةِ محمولي ..
طفلاً موهوباً ..
طار من القدسِ إلى لبنانِ !
ما ألطفَهُ !
ما أظرفَهُ !
ما أشرفَهُ !
إذْ يشدو ..
بالشعرِ وباللحنِ العفْوي الحاني !
يهدرُ ويلعلعُ بالصوتِ الدمويِّ القاني !
يطلقُ أشواقاً حرّى ..
كحمائمَ من آلافِ الأميالِ ..
نحو مدينته المأسورةِ ..
نحو القدسِ العاني !
يبعثُ بقذائفِهِ تتلظّى ..
نحو عدوٍّ محتلٍّ شيطانِ !
صوتٌ فِطريٌّ ..
يخرقُ حجبَ الأزمانِ !
يتحدى الأسلاك الشائكة ..
المزروعة بين الأوطانِ !
تسألهُ ..
غانيةٌ باستغرابٍ وحنانِ :
– أصغيري : من أنتَ؟
ومن أين أتيتَ؟
ولماذا أقبلتَ؟
وكيف وهل ومتى؟
هلا بالسرعةِ أخبرتَ !
فيجيبُ الطفلُ المدهشُ بثباتِ جَنانِ ،
وطليقِ لسانِ ،
وفصيحِ بيانِ ،
وبياضِ الأسنانِ :
– من قلبِ بلادي ..
أقبلتُ أنادي ..
اَلْعاكفَ منهم والبادي ..
أن هبّوا أجمعُكم ..
لنضالٍ ..
وكفاحٍ ..
وجهادِ ..
بـ "عصام البَشِّيتي" ..
إيايَ فنادي !
وتفجّر في قلبي ..
حُمَمُ البركانِ ..
تتناثرُ مثل شظايا ..
في كل الأركانِ ..
أسئلةٌ تترى ..
تتدافعُ مثل الطوفانِ :
أين شبيهُ "عصام البشيتي" ..
من بلدي المأسورِ "أراكانِ"؟
هل عقمتْ ..
أرحامُ النسوةِ من بلدي ..
عن إنجابِ الطفلِ الثائرِ ..
بالشعرِ وبالنثرِ؟
أو حتى بالخفقانِ؟
في وجهِ القهرِ ..
وضد الظلمِ ..
وضد الطغيانِ؟
هل عقمتْ ..
أرحامُ النسوةِ من بلدي ..
عن إنجابِ الإنسانِ الأرَكاني ..
اَلْمفطورِ بحبّ الأوطانِ؟
هل عقمتْ ..
أرحامُ النسوةِ من بلدي إلا ..
عمَّن يسّاءلُ في أعمقِ أعماقِ الوجدانِ ..
بشكوكٍ وظنونِ ..
تبلغُ آلافَ الأطنانِ :
هل أنا حقاً ..
إنسانٌ أرَكاني؟!!
إبراهيم حافظ غريب
مجلة اﻷدب اﻹسﻻمي ع 78