وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
قال محمد على ساركار، سفير بنغلادش في القاهرة، إن أزمة الروهنغيا جاءت فرصة لإعادة ترتيب مصالح بين مصر وبنغلادش عن طريق العمل معاً على القضية، وعلى قضايا أخرى أيضاً تتعلق بهما، مشيراً إلى أن العلاقات بين «القاهرة» و«دكا» ممتازة وتمتد إلى جذور تاريخية.
وفيما يخص أزمة أقلية «الروهنغيا» قال ساركار، في حوار لـ«الوطن»، إنه على مدى ثلاثة عقود ماضية استضافت بنغلادش ما يقرب من 400 ألف من الروهنغيا على الرغم من الصعوبات التي تواجهها بنغلادش، على الرغم من عدم وجود أي قوانين تلزم بنغلادش باستقبال اللاجئين، مشيراً إلى أنه ينبغي على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط على حكومة ميانمار من أجل التنفيذ غير المشروط والكامل لتوصيات تقرير لجنة «كوف أنان» من أجل التوصل إلى حل دائم لأزمة الروهنغيا.
بداية.. نريد أن نعرف موقف «بنغلادش» تجاه أزمة أقلية الروهنغيا؟
– تشهد بنغلادش موجات غير مسبوقة من تدفق المسلمين المقبلين من ولاية أراكان منذ أن بدأت العمليات العسكرية في 25 أغسطس 2017، ووفقاً لتقديرات وكالات الأمم المتحدة فقد التجأ نحو 500 ألف من مسلمي الروهنغيا ليتخذوا من بنغلادش مأوى مؤقتاً لهم، فعلى مدى 3 عقود ماضية استضافت بنغلادش ما يقرب من 400 ألف من الروهنغيا، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها بنغلادش، فهي تسمح للروهنغيا بدخول أراضيها على أساس إنساني محض، ويجب ألا تعاني بنغلادش من مشكلة انحراف السياسة العرقية الطائفية.
وناشدت بنغلادش دولة ميانمار أن تعمل على التمييز بين الحركات المسلحة والمدنيين العزل، واحترام مسؤولية الدولة عن حماية سكانها من المدنيين، كما حثت بنغلادش دولة ميانمار منذ البداية على القيام بعمليات لمكافحة التسلح، مع الحرص على ألا يؤدي ذلك إلى خلق انعدام الأمن بين المدنيين ومعاقبة المجتمع بأكمله.
كيف ترى بنغلادش مسألة حماية المدنيين في ولاية أراكان؟
– ترى بنغلادش أن مسألة حماية المدنيين في ولاية أراكان قد أُهملت أثناء حملة القمع العسكري، فإذا لم يتخذ المجتمع الدولي تدابير فورية لحماية المدنيين، فلا يمكن تفادي مزيد من التشريد الجماعي للسكان المدنيين. وفي هذا الإطار، لا بد من إنشاء منطقة حماية (منطقة آمنة للمدنيين) داخل ميانمار، حيث طالبت بنغلادش دولة ميانمار باتخاذ تدابير فورية لاستعادة جميع مواطني ميانمار الذين عبروا الحدود، لأن بنغلادش كدولة محدودة الموارد لا يمكنها وحدها تحمل توفير الاحتياجات الإنسانية لمواطني الروهنغيا، وعلى ذلك تقبل بنغلادش المساعدات الإنسانية وموارد الإغاثة من الدول الصديقة لمواطني الروهنغيا، فعلى الدول الراغبة في تقديم يد العون أن ترسل المعونات إلى كل من حكومة بنغلادش أو برنامج الأغذية العالمي أو منظمة الهجرة العالمية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
السبب الجذري للأزمة نشأ بسبب قانون المواطنة التمييزية لعام 1982.. والأزهر تقدم بمبادرات لبناء الوعي من أجل حل المشكلة.. وعلى المجتمع الدولي الضغط على حكومة ميانمار لتنفيذ توصيات «كوفي أنان»
ماذا قدمت حكومة بنغلادش تجاه أقلية الروهنغيا حتى الآن؟
– بنغلادش ليست إحدى الدول الأطراف في اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، أو البروتوكولات الصادرة عنها في العام 1967، وعلاوة على ذلك لا يوجد أي من الأحكام المتعلقة باللاجئين في تشريعاتها القومية، ومن ثم فلا توجد أي قوانين تلزم بنغلادش باستقبال اللاجئين من الروهنغيا، وبرغم ذلك، ونظراً للوضع الإنساني المتردي الذي يتعرض له شعب الروهنغيا الذي فر إلى بنغلادش لإنقاذ أرواحهم والتخلص من التعذيب والحرق وغير ذلك من أشكال الاضطهاد وخصصت الحكومة البنغلادشية بالفعل 2000 فدان من الأراضي لإعدادها كمأوى مؤقت للروهنغيا، وتقوم الحكومة البنغلادشية بالتنسيق مع الوكالات الإنسانية الدولية لتنفيذ برنامج الإغاثة بما في ذلك توفير المأوى والغذاء والرعاية الصحية والصرف الصحي والتعبئة إلى الملاجئ المخصصة لهم، إلى آخره.
وماذا بشأن العالقين على الحدود.. كيف يتم التعامل معهم؟
– تقترب بنغلادش من جارتها ميانمار في الجزء الجنوبي الشرقي من بنغلادش وتشترك في حدودها البرية مع ميانمار في نحو 271 كيلومتراً، ومنذ أن بدأت الهجمات الأخيرة في إقليم أراكان في ميانمار في أغسطس 2017 الماضي، توافد الآلاف من الروهنغيا نحو حدود بنغلادش وميانمار للدخول إلى بنغلادش هرباً من العنف لإنقاذ حياتهم، ونظراً للوضع الإنساني المتردي وتصاعد وتيرة العنف، فإن رئيسة وزراء بنغلادش قررت السماح للروهنغيا الأبرياء بالدخول إلى أراضي بنغلادش، وكذا السماح لهم بالبقاء في المآوي المخصصة لهم مؤقتاً، ووفقاً لسجلات الأمم المتحدة، فقد دخل أكثر من 500 ألف من الروهنغيا إلى بنغلادش لإنقاذ حياتهم من العنف.
هل تكفي منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان التي تتوجه لمساعدة اللاجئين من الروهنغيا؟
– عدم تمكن الوكالات الإنسانية من الوصول إلى المناطق المتضررة أمر يثير قلقاً بالغاً، ما قد يؤدي إلى مزيد من التدهور، الأمر الذي يجبر المدنيين الضعفاء على عبور الحدود إلى بنغلادش، وهنا تشدد بنغلادش على ضرورة وصول الوكالات الإنسانية بحرية ودون قيود إلى جميع التجمعات المتضررة التي تحتاج إلى المساعدة، بصرف النظر عن الانتماء العرقي والديني في ولاية أراكان.
ودخل أكثر من 500 ألف من الروهنغيا إلى بنغلادش منذ 25 أغسطس 2017 متخذين منها مأوى مؤقتاً لهم، بالإضافة إلى 400 ألف آخرين من الروهنغيا تم إيواؤهم في اثنين من المآوي المؤقتة في منطقة «كوكس بازار» في بنغلادش على مدى الثلاثة عقود الماضية، وخصصت الحكومة البنغلادشية بالفعل 2000 فدان من الأراضي لإعدادها كمآوي مؤقتة جديدة للروهنغيا، وأصبح الوضع يثقل كاهل بنغلادش المحدودة الموارد لاستضافة ما يقرب من مليون من الروهنغيا، وللتعامل مع المتطلبات الإنسانية قررت بنغلادش أن تقبل المساعدات الإنسانية وموارد الإغاثة من الدول الصديقة لمواطني الروهنغيا، فعلى الدول الراغبة في تقديم يد العون أن ترسل المعونات إلى كل من حكومة بنغلادش أو برنامج الأغذية العالمي أو منظمة الهجرة العالمية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وما الخطة المستقبلية تجاه لاجئي «الروهنغيا»؟
– تخطت مشكلة الروهنغيا ما وراء حدود ميانمار مع تزايد عبور الروهنغيا للحدود، وأثر انتشار لاجئي ميانمار على دول جنوب شرق آسيا وبالأخص بنغلادش التي تأثرت أكثر من غيرها، فإن الجهود السابقة على مدى عقود تشير إلى أن الحل لا يمكن أن يتم بالتواصل مع ميانمار مباشرة، حيث إن ميانمار لا تستجيب، فقد عرضت بنغلادش استعدادها للتعاون مع ميانمار لحل أزمة الروهنغيا في أغسطس 2016، وأدان المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها ذات الصلة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات الإقليمية والدولية الجرائم التي ارتكبتها قوات ميانمار في حق مجتمع الروهنغيا، وحث على تنفيذ توصيات تقرير لجنة كوفي أنان للوصول إلى حل دائم للأزمة، وعلى هذا، اقترحت رئيسة وزراء بنغلادش، في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، النقاط الخمس التالية لحل دائم للأزمة، وهي «على ميانمار أن تتوقف على الفور ودون قيد أو شرط عن ممارسة العنف والتطهير العرقي في ولاية أراكان – لا بد أن يرسل الأمين العام للأمم المتحدة على الفور بعثة تقصي حقائق إلى ميانمار – لا بد من حماية جميع المدنيين في ميانمار بغض النظر عن الدين أو العرق، ولهذا السبب يجب إنشاء «مناطق آمنة» تحت إشراف الأمم المتحدة في ميانمار، واتخاذ إجراءات فورية لضمان العودة المستقرة لجميع الروهنغيا إلى ميانمار باحترام وكرامة، وتنفيذ توصيات تقرير لجنة كوفي أنان من أجل تحقيق واستدامة السلام والاستقرار في ولاية أراكان»، هذه بعض الحلول البسيطة، المعقولة، والمراعية، حيث يتعين على المجتمع الدولي أن تتضافر جهوده وأن يمارس ضغوطاً دبلوماسية على ميانمار للتحرك صوب إيجاد الحل.
مشكلة الروهنغيا تخطت ما وراء حدود ميانمار لأنها لا تستجيب لمبادرات الحل ولا تتعاون مع أحد وبنغلادش أعربت عن قلقها بشأن الأعمال الاستفزازية مع تزايد عبور الفارين
يزرع جيش ميانمار ألغاماً على الحدود لمنع عودة الروهنغيا.. ما موقف بنغلادش تجاه ذلك؟
– شجبت بنغلادش بشدة اختراق قوات ميانمار لمجالها الجوي عن طريق طائرات بدون طيار وطائرات الهليكوبتر العسكرية في 14 سبتمبر 2017، وتم استدعاء مبعوث ميانمار وتسليمه مذكرة احتجاج تتضمن قلق بنغلادش البالغ لاختراق مجالها الدولي الجوي عن طريق طائرات بدون طيار وطائرات الهليكوبتر العسكرية التابعة لميانمار، وقد أعربت بنغلادش عن قلقها البالغ بشأن مثل تلك الأعمال الاستفزازية وطالبت ميانمار باتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من عدم تكرار مثل ذلك الاختراق لسيادة الدولة مرة أخرى.
أكثر من نصف مليون من الروهنغيا دخلوا إلى بنغلادش.. وبالطبع يعانى الآلاف منهم من عدم وجود أماكن للإيواء.. كيف تتم مواجهة ذلك وحل الأزمة؟
– أدى توافد الفارين من ميانمار إلى خلق حالة طوارئ إنسانية في بنغلادش، حيث وصل عدد الفارين من ميانمار إلى بنغلادش أكثر من 536 ألفاً في خلال الـ47 يوماً الأخيرة (منذ 25 أغسطس 2017)، حيث يتوافد الآلاف كل يوم، وبلغ عدد الفارين إلى بنغلادش بين 9 و11 أكتوبر 2017 فقط 15 ألف شخص، في خطورة وسرعة لم يسبق لهما مثيل، إذ تقع البنية التحتية والخدمات الأساسية المقدمة للاجئين تحت ضغوط شديدة، حيث يعانى الناس من سوء التغذية، ولا تتوافر لديهم الإمكانات الكافية للحصول على المياه النظيفة، إنهم في حالة شديدة من الضعف، فقد هربوا من الصراع، وتعرضوا لصدمات شديدة، وهم الآن يعيشون في ظروف صعبة للغاية، تمثل هذه الوفود غير المسبوقة تحدياً لأى بلد، فالوكالات الدولية مطالبة بتوفير مبلغ 48 مليون دولار لرفع مستوى الرعاية الصحية الأولية في الأشهر الستة المقبلة، حيث إن تفشى الأمراض المعدية أمر شديد الواقعية في هذه الأوضاع المفعمة.
كيف ترى زعيمة ميانمار الحائزة على جائزة نوبل في ظل الاضطهاد الحالي لأقلية الروهنغيا؟
– «أونغ سان سو تشى» هي زعيمة المعارضة بميانمار، حيث اكتسبت اعترافاً عالمياً بموقفها ضد الديكتاتورية العسكرية في ميانمار، وهى بحاجة لأن تبذل جهداً أكبر لتنال مزيداً من هذا الاعتراف الدولي والسلطة السياسية لحل الأزمة الإنسانية.
«سو تشي» تحتاج لبذل جهد أكبر لتنال ثقة واعتراف المجتمع الدولي وحل الأزمة الإنسانية.. وعدم تمكن الوكالات الإنسانية من الوصول إلى المناطق المتضررة أمر يثير قلقاً بالغاً
في رأيك.. كيف يتم حل أزمة «الروهنغيا» نهائياً؟
– يفضل المسلمون في شمال ولاية أراكان التعريف عن هويتهم الإثنية والثقافية المشتركة بالروهنغيا، حيث عاشوا لألف عام في ولاية أراكان في ميانمار، لا ينحدر الروهنغيا في أراكان من جماعة قبلية أو سلالة عرقية واحدة فقط، بل هم أيضاً خليط من أجناس وثقافات متعددة ناشئة عن أناس ذوى أصول هندية وبنجالية وعربية وفارسية وأفغانية ووسط آسيوية، تشير السجلات التاريخية البريطانية وغيرها من السجلات السابقة إلى وجود المسلمين في أراكان قبل أن يضمها قائد الاستعمار البريطاني في العام 1824 بفترة طويلة، وسافر التجار العرب خلال القرنين السابع والثامن إلى أراكان للعمل ونشر الإسلام، وفي الفترة من القرن الخامس عشر وإلى القرن السابع عشر (حتى 1666)، كان الجزء الجنوبي الشرقي من البنغال -الحدود الشمالية لشبه القارة الهندية فيما بعد- تحت حكم أراكان، وبطبيعة الحال، فإن الحكم المشترك وغياب الحدود الإقليمية سمحا بحرية حركة الأشخاص دون عوائق داخل نفس المملكة، توطن الروهنغيا الذين استقروا في أراكان قبل فترة طويلة من استقلال بورما في عام 1948، ووفقاً لتقرير «لجنة باكستر»، كانت نسبة السكان المسلمين منهم تبلغ 77٪ في عام 1931، وعلى الرغم من الحقائق التاريخية التي تعترف بالروهنغيا كجماعة محلية (متوطنة) وعرقية في ميانمار، فقد نفي قانون المواطنة التمييزية الصادر عام 1982، عن الروهنغيا -لسوء الحظ- حق المواطنة وعرفهم على أنهم أجانب، الأمر الذي جعلهم في نهاية المطاف عديمي الجنسية، من هذا نستطيع أن نفهم بوضوح أن السبب الجذري للأزمة قد نشأ عن قانون المواطنة التمييزية لعام 1982، في ضوء ما سبق، ينبغى على المجتمع الدولى أن يمارس على حكومة ميانمار الضغط من أجل التنفيذ غير المشروط والكامل لتوصيات تقرير لجنة كوفي أنان من أجل التوصل إلى حل دائم لأزمة الروهنغيا.
على من تُلقى مسئولية الأحداث الحالية بالتحديد؟
– باختصار، تقع المسؤولية على السياسة التمييزية التي تتبعها الدولة ضد مسلمي الروهنغيا، فقد اتهم كبار مسؤولي الأمم المتحدة، في وقت مبكر من نوفمبر 2016، دولة ميانمار بممارستها تطهيراً عرقياً للدولة من الأقلية المسلمة، ولقد عاش الروهنغيا في ميانمار لأجيال ولا يزالون، ولكنهم حُرموا من حقوق المواطنة، حيث تعرضوا للاضطهاد لسنوات من الحكومة ومن البوذيين القوميين، كذلك فقد أطلق الجيش الأنان بالكامل للمشاة ولهجمات جوية لا هوادة فيها على المدنيين الأبرياء لإرهابهم حتى يغادروا، وقد أدى تزايد الاضطرابات في السنوات الأخيرة، بالمجتمع الدولي لمطالبة حكومة ميانمار بالإقرار لهم بالجنسية، ولكن بدلاً من ذلك، اختاروا اللجوء للقمع، فقد كانت حكومة ميانمار تدير هذه العمليات تحت ذريعة أنها تتعقب الإرهابيين، ولكنها كانت ترفض التدخل المستقل -أو من الأمم المتحدة- للتحقق من ادعاءات الحكومة.
وماذا عن التعاون من الدول الإسلامية تجاه الأزمة.. وكيف يجب أن يكون؟
– لقد أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أنها بحاجة إلى 70 مليون دولار للعام الحالي، وحتى الآن لم تتسلم سوى نحو 30 مليوناً، تمثل نحو 42% من الاحتياجات، وحتى الآن كان المصدر الرئيسي لتلك المبالغ كلاً من الولايات المتحدة ودول أوروبا، سواء من مصادر حكومية أو خاصة، وقد أوردت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في قوائمها مصادر من دولتين مسلمتين، هما مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله التي تقدم أكثر من نصف مليون دولار، كما تمنح حكومة الإمارات العربية المتحدة 125 ألفاً، ومن المحتمل أن تكون هناك بلدان إسلامية أخرى تفكر في إرسال الأموال، ولا سيما المبالغ التي ستدرجها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
استضفنا 400 ألف من الروهنغيا على مدى 3 عقود رغم الصعوبات التي نواجهها.. وليس هناك قوانين تلزمنا بذلك.. تحتاج الدول الإسلامية إلى أن تنضم إلى الآخرين في تقديم المساعدة الإنسانية، هذا هو الحل على المدى القصير، كذلك تحتاج إلى تقديم الدعم في المنتديات الدولية، والمساهمة في بناء الفكر للضغط على ميانمار لاستعادة شعبها، وضمان سلامتهم ومنحهم حقوقهم، تعد الدول الإسلامية مجموعة قوية في العالم، ولا يوجد لديهم أي اختلاف في الرأي أو النهج بشأن ما يجرى في ميانمار، هذا الأمر يجعل من السهل أن نجتمع معاً لدعم قضية حقوق الإنسان المتعلقة بالروهنغيا.
ماذا عن العلاقات بين مصر وبنغلادش.. وفي رأيك كيف يمكن تطويرها؟
– تتميز العلاقات بين بنغلادش ومصر بأنها ممتازة وتمتد إلى جذور تاريخية راسخة، فقد كانت مصر البلد العربي الأول الذي اعترف بدولة بنغلادش، في 24 أغسطس 1973، هذا الأمر يتذكره الشعب والقيادة السياسية بكل امتنان، الصديق الحقيقي هو الذي تجده عند الحاجة كما يقولون، كما لعبت مصر دوراً رئيسياً في عضوية بنغلادش لدى منظمة التعاون الإسلامي والاعتراف بها من قبل باكستان، وعند عقد القمة الثانية لمنظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في «لاهور» في الفترة من 22 إلى 24 فبراير 1974، لم تقم باكستان في البداية بدعوة بنغلادش لحضور القمة، ولكن بينما اجتمع أعضاء مجموعة منظمة التعاون الإسلامي في «لاهور»، مارس العديد من رؤساء الدول من العالم العربي، بقيادة مصر، الضغط على رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك «ذو الفقار على بوتو»، لدعوة الشيخ «مجيب الرحمن» لحضور القمة، ثم زار وفد من منظمة التعاون الإسلامي يتكون من 7 أعضاء دكا لدعوة الشيخ «مجيب الرحمن» للمشاركة في القمة، وأرسلت مصر طائرة للشيخ «مجيب الرحمن» لحضور قمة لاهور، فنحن نتذكر المساهمة التاريخية لمصر في السنوات الأولى لبنغلادش.
مسألة حماية المدنيين في «أراكان» أُهملت أثناء حملة القمع العسكري.. وتوافد الفارين من ميانمار أدى إلى خلق حالة طوارئ إنسانية في بنغلادش
وتعززت الصداقة بين البلدين منذ ذلك الحين، ودعم البلدان بعضهما البعض في المحافل الدولية، حيث يجرى بينهما التنسيق السياسي بشأن القضايا المشتركة والمفاهيم، وتخلق الأزمات الفرص للتعاون، فمن خلال العمل معاً على مجموعة من القضايا، بما في ذلك قضية الروهنغيا، ستتاح للبلدين فرصة أخرى لإعادة ترتيب مصالحهما.
بصفتكم عضواً في منظمة التعاون الإسلامي كيف تقيمون العلاقات مع حكومة ميانمار في الوقت الراهن مع تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك؟
– لقد دعت منظمة التعاون الإسلامي، باعتبارها صوتاً واحداً للأمة الإسلامية، إلى حل دائم ومستقر، وقد أصدرت المنظمة من وقت لآخر قرارات في جلستها العادية لوزراء الخارجية، والجلسة غير العادية لوزراء الخارجية، ومؤتمر القمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بالإضافة إلى توصيات لحل المسألة، كما أنشأت منظمة التعاون الإسلامي «مجموعة اتصال منظمة التعاون الإسلامي بشأن الروهنغيا» بالقرار الذي اتخذته في القمة الإسلامية الاستثنائية الرابعة التي عقدت في مكة المكرمة في الفترة من 14-15 أغسطس 2012، وتعمل بنغلادش-باعتبارها عضواً في المجموعة- عن كثب مع فريق الاتصال التابع لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن الروهنغيا في ميانمار للتعامل مع الأزمة، ولكن لسوء الحظ، لم يتحقق أي نجاح يذكر حتى الآن.
ما طبيعة الحكم في ميانمار.. وطبيعة البرلمان؟
– في ميانمار، أدى «هتين كياو» اليمين كرئيس في مارس 2016 ما أسفر عن انتخاب أول حكومة ديمقراطية في الحكم بعد عقود من الحكم العسكري، ومع ذلك لم يتخل الحكم العسكري عن السيطرة على البلاد، فاستعادوا السيطرة من خلال الدستور الجديد الذي يبدو ديمقراطياً في مظهره لكنه ما زال يمنح الجيش السلطة المطلقة، وفي برلمان ميانمار يتم انتخاب أعضاء البرلمان ويتم تعيين 25% منهم بواسطة قائد الجيش، ويتم تعيين وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير شئون الحدود من الجنود العاملين، ما وضع القوات المسلحة خارج حدود السلطة في الحكومة الجديدة، كما أن الحكومة ليس لها سيطرة على الشرطة أو نظام العدالة أو الأجهزة الأمنية أو القضايا العرقية لإنهاء الصراع الذي دام أكثر من 60 عاماً.