في سياق المرحلة الانتقالية الحالية والدعوات المطالبة بتعديل الدستور
رئيس المؤتمر العام لاتحاد روهنجيا أراكان: ميانمار في مرحلة تحول ونطالب المجتمع الدولي بدعمنا "الآن" قبل فوات الأوان
د.طاهر الأراكاني:
مطالب المعارضة والتي يؤيدها الرئيس الحالي تنحصر في تعديل مواد بالدستور وليس إلغائه، وهذا لا يصلح لبداية تأسيس نظام ديمقراطي جديد في البلاد
تحقيق حول عملية إصلاح الدستور في ميانمار (بورما)
تحت ضغوط متواصلة داخلياً وخارجياً.. تمر ميانمار "بورما سابقاً"، بمرحلة تحول "صعبة وبطيئة" من نظام عسكري شيوعي إلى نظام جديد أقرب للمدنية والديمقراطية وأكثر انفتاحاً الحريات والحقوق.
إلا أنه مازال متردداً في السير نحو الخطوة الأولى باتجاه المسار الديموقراطي، والتي يطالبهم بها كل من المجتمع الدولي المعارضة بقيادة .. والمتمثلة في "تعديل" الدستور الحالي، والذي كان قد وضعه العسكر بنفسه في عام 2008م.
والسؤال الذي يطرح نفسه.. ما مدى انعكاسات التحولات الجارية في ميانمار على ملف "الأقلية الروهنجية المسلمة"، والتي تعيش بإقليم أراكان في غرب البلاد..
وهل عملية "تعديل" الدستور الحالي ـ إن تمت ـ سيكون لها انعكاسات إيجابية على مساري الحقوق والحريات لكافة العرقيات المكونة لشعب ميانمار وفي مقدمتها الأقلية الروهنجية المسلمة، والأكثر اضطهاداً وتعرضاً للحرمان من حقوقها وحرياتها؟
حول مرحلة التحول الجارية في ميانمار والدعوات المطالبة بتعديل الدستور الحالي.. كان لـ:"الأمة" هذا الحوار مع د.طاهر محمد سراج الأراكاني، رئيس المؤتمر العام لاتحاد روهنجيا أراكان..
* هل ترون أن النظام الحاكم مستعد للتجاوب مع مطلب المعارضة بتعديل الدستور؟
** بلا شك أن حاجة ميانمار الملحة الآن تتمثل في تعديل الدستور، وقد طلب المجتمع الدولي هذا الطلب من حكومة البلاد، كما أنه مطلب المعارضة أيضاً.
وعلى الرغم من وجود موافقة مبدئية من قبل الحزب الحاكم؛ إلا أنه وحتى اليوم لا يوجد أي قرار رسمي بالموافقة على تعديل الدستور.
وكل ما حدث أن رئيس ميانمار قد أبدى مؤخراً موافقته على تعديل الدستور، ولكن إلى اليوم لم تظهر أي بوادر لمناقشة هذا الأمر أو طرحه في البرلمان.
حتى لو وجد موافقة من الطرفين بدعم المجتمع الدولي لطرح الدستور مرة أخرى في البرلمان لمناقشته
*التعديل المنتظر للدستور والذي يسعى إليه "النظام" و"المعارضة".. هل تعتقدون بأنه سوق يلبي مطالب العرقيات المختلفة التي يتكون منها الشعب في ميانمار بما في ذلك عرقية "الروهنجيا" المسلمة؟
** حتى لو تم طرح الدستور مرة أخرى على طاولة المناقشة؛ فلن يحقق طموحات ومطالب جميع فئات الشعب، لأن الذين يطلبون بتعديل الدستور حالياً هما القوى السياسية الكبرى في البلاد وتتمثل في كل من الحزب الحاكم وحزب المعارضة.
وبالتأكيد المسلمون يطالبون أيضاً بتعديل الدستور، ولكنهم يريدون تعديل البنود التي تعيد إليهم حقوقهم كمواطنين في هذه البلاد. إلا أنني أعتقد بأن هذا لن يحدث لأن المسلمين لا يعتبرون في بورما قوة سياسية كبيرة في البلاد.
وبناءاً على هذه القراءة للواقع الحالي أستطيع القول بأن الدستور القادم سوف يلبي فقط مطالب كل من الحزب الحاكم وحزب المعارضة، بالإضافة لإرضاء المجتمع الدولي ببعض البنود الشكلية.
فالمعارضة تطالب بتعديل المواد التي تتيح لها فرصة المشاركة في الحياة السياسية للوصول إلى الحكم مستقبلاً، كما أن الحزب الحاكم سوف يقوم بتعديل البنود التي يرى أنها تخدم مصلحته . وتكف عنه الانتقادات المستمرة من المجتمع الدولي.
لذلك كله، فحن نتوقع أن تتجاهل عملية تعديل الدستور الحالي؛ المواد المتعلقة بحقوق الأقليات العرقية في البلاد بشكل عام والأقلية الروهنجية المسلمة بشكل خاص.
ومما يدعم توقعاتنا هو عدم وجود أي بادرة أو نوايا حسنة لتحسين أوضاع الأقليات العرقية في ميانمار ومن ضمنها الأقلية الروهنجية المسلمة.
كما ألفت هنا لمسألة هام تتعلق بمطلب المعارضة بتعديل الدستور الحالي الذي وضعه العسكر وليس إلغائه؛ فإذا كانوا جادين فعلاً في بناء نظام ديمقراطي جديد فأول خطوة فيه تتمثل في أن يضع الشعب دستوره بنفسه وبمشاركة من جميع مكوناته وأعراقه.
*هل هناك دور لمسلمي بورما في هذه العملية الإصلاحية للدستور؟
** بعض القوي السياسية المحلية للمسلمين تمثلها أحزاب سياسية، وهناك ثلاثة من المسلمين هم أعضاء في البرلمان، وهؤلاء جميعاً قاموا برفع مطالبهم في الدستور القادم؛ إلا أنه لضعف تأثيرهم على الساحة السياسية في البلاد فلا أعتقد بأنه سوف يستجاب لمطالبهم والمتمثلة في إعادة حق القومية لنا، وإعادة الاعتراف بالعرقية الروهنجية كأحد العرقيات المكونة لشعب ميانمار.
*كيف يمكنكم توصيل مطالبكم للنظام الحاكم؟
** ولأجل إيصال مطالبنا للمسئولين الذين سوف يناقشون الدستور في الفترة القادمة فلدينا عدة قنوات، داخلية وخارجية.
في داخل ميانمار، تتمثل في الأحزاب السياسية المسلمة في البلاد، وأعضاء البرلمان المسلمين الثلاث.
بينما خارجها، سيكون مع المجتمع الدولي ممثلاً في منظمة الأمم المتحدة، والتي عبرها يتم توصيل مطالبنا إلى السلطات الحاكمة في البلاد.
*ما هى مطالبكم كمسلمين في الدستور القادم؟
** لنا مطالب عامة تتعلق بكل العرقيات التي يتشكل منها شعب ميانمار، ومطالب أخرى خاصة بنا كعرقية روهنجية.
مطالبنا العامة: الاعتراف بجميع العرقيات التي تعيش في البلاد، وأن يضمن الدستور القادم تحقيق العدالة والمساواة والحرية للجميع دون تفرقة بينهم. وأن تتضمن مواد الدستور بنوداً مشددة تحول دون اعتداء بعض العرقيات على بعضها الآخر؛ حتى يحظى الجميع بحياة آمنة في كافة أرجاء ميانمار.
أما مطالبنا الخاصة: وهي ثلاثة، الاعتراف بعرقية الروهنجيا المسلمة كعرقية ضمن العرقيات التي يتشكل منها شعب ميانمار، وإعادة حق المواطنة التي سلبت منا منذ وقت طويل مرة أخرى بكامل حقوقها .ضمان حق الحياة في أمان وسلام على أراضينا وفق الدستور والقانون الدولي مثل باقي شعوب العالم.
*ما هي الرسالة التي تودون إرسالها للمجتمع الدولي عبر الـ"الأمة"؟
** أدعو المجتمع الدولي عامةً، ودول العالم الإسلامي خاصةً لفهم أهمية وخطورة مرحلة التحول التي تمر بها البلاد حالياً من النظام الشيوعي إلى نظام ديمقراطي جديد. فهي مرحلة لتأسيس نظام سياسي جديد وما يحدث حالياً من تغيرات على الساحة الداخلية في البلاد سوف يكون له انعكاساته على مستقبل حقوق وحريات العرقيات التي تعيش ميانمار.
لذلك كله نطالب المجتمع الدولي حكومات ومنظمات حقوقية وإنسانية وكافة وسائل الإعلام بالضغط على النظام الحاكم في ميانمار من تحقيق هدف واحد رئيسي وهو تعديل الدستور بما يتوافق مع مصالح جميع العرقيات في البلاد ومن بينها العرقية الروهنجية المسلمة.