[caption align="alignleft" width="300"]تقرير خاص: تجربة كاهن بوذي في مؤتمر التعريف بالإبادة الجماعية ضد مسلمي ميانمار بقلم: داني فيشر [/caption]
(ارتسم داني فيشر ككاهن للبوذية العلمانيين من قبل مجلس سانغا البوذية في جنوب كاليفورنيا في عام 2008، وهو أستاذ ومنسق قسم مركز العبادة البوذية في "جامعة الغرب University of the West" في روزميد Rosemead، لوس أنجلس بكاليفورنيا)
لقد كان من دواعي سروري ان أحضر "مؤتمر التعريف بالإبادة الجماعية ضد مسلمي ميانمار" الذي عُقد في " مدينة كلفر Culver City" في كاليفورنيا في التاسع من حزيران (يونيو) 2013. ذهبت إلى المؤتمر لأني شعرت أنه من المهم أن اتواجد في مكان أطلق فيه كل آرائي ومواقفي: فكما أشرت سابقاً، فان الوضع في بورما قد أصبح مقلقاً جد بالنسبة لي وأردت ان انخرط أكثر وبأي وسيلة للمساعدة مهما كانت بسيطة.
بالتأكيد حاولت أن أشارك، وعلى الاقل من مكتبي. لقد تعاونت مع صديقي "جوشوا أيتون Joshua Eaton" العام الماضي على كتابة رسالة مفتوحة من الجالية البوذية ضمت أساتذه وعلماء تتعلق بموضوع الكراهية للاسلام (اسلاموفوبيا) ويمكن قراءتها على موقع buddhistletteronislamophobia.wordpress.com (قام جوشوا بكتابة الرسالة -بالرغم من ان عدداً قليلاً منا أجرى تعديلات طفيفة- وأسسنا سويةً الموقع الالكتروني وساعدته في نشر الافكار وتجميع التواقيع). بعد ذلك أضفت إسمي إلى "البيان الاسلامي-البوذي المشترك بشأن العنف الطائفي في بورما" والذي صاغه صديقي "بل آيكن Bill Aiken" من SGI-USA (وهي جمعية بوذية في الولايات المتحدة تهتم بنشر وتعليم العقيدة البوذية). وبالاضافة إلى ذلك أخذت وقتي لكتابة مقال عن صمت الرمز البوذي الملتزم الا وهو الناشطة أونغ سان سو كي Aung San Suu Kyi وعدم تحركها في هذه القضية منذ تشرين الثاني،
كما شرحت في مقالي (للذين ليسوا على إطَّلاع بقضية بورما)، فإن عدد الروهينغيا يناهز 800,000 وهم من المسلمين ويعيشون في غرب بورما حيث سكنوا في ولاية "راخين" لعدة قرون. ومن هناك اضطروا عدة مرات للهجرة والهروب بين بنغلادش وبورما نتيجة للمتغيرات السياسية والاحتلالات الخارجية. وخلال القرن 19 شجع المستعمرون البريطانيون هجرة الروهينغيا من بنغلادش من أجل دعم محصولهم الزراعي في المنطقة. ومع حلول عام 1939 ارتفع في بورما عدد الروهينغيا (وارتفع معه التوتر مع الراخين البوذيين) لدرجة ان احد لجان التحقيق قررت إغلاق الحدود بين البلدين. انسحب البريطانيون من المنطقة عند اندلاع الحرب العالمية الثانية فوقعت اعمال عنف رهيبة بين الروهينيا والراخين البوذيين راح ضحيتها الالاف. وعند وصول اليابانيين أريقت المزيد من الدماء: إذ كان الروهينغيا مؤيدين للحلفاء –وكان البعض منهم يعمل كجواسيس للبريطانيين- الذين أطلقوا وعود بتحقيق هدفهم في انشاء دولة اسلامية مستقلة. ويعتقد انه خلال الاحتلال الياباني فر الالاف من الروهينغيا الى بنغلادش، وبعد انقلاب عام 1962 اُجبر أيضاً الكثير منهم على الالتجاء الى بنغلادش وباكستان بسب هجمات الزمرة الحاكمة ضدهم. وفي عام 1982 أصدر الجنرال "نٍ ون Ne Win" قانوناً متشدداً للجنسية مما جعل الروهينغيا (وبصورة غير شرعية) شعب من دون دولة.
واليوم، تعتبر الامم المتحدة شعب الروهينغيا واحداً من أكثر الاقليات اضطهاداً في العالم. وتشهد ولاية راخين الان عنف مدمر واضطرابات ضخمة حيث لقي العشرات حدفهم، كما دمرت قرى بكاملها وشرد ما يزيد على 100,000 شخص، وكل ذلك نتيجةً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية عن انتقام لاغتصاب وقتل إمرأة راخانية تجلى في قتل غوغائي نتج عنه مقتل 10 مسلمين. وخلال الخريف الماضي اصدرت منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) تقريراً أشارت فيه إلى أن الأحداث الأخيرة في ولاية آراكان أظهرت رعاية الدولة البورمية لإضطهاد الروهينغيا والتمييز ضدهم بما في ذلك القتل والاغتصاب والاعتقال الجماعي. أما وكالة رويترز فقد نشرت تحقيقاً خاصاً وصادماً بعد فترة وجيزة من اصدار منظمة "مراقبة حقوق الانسان" تقريرها مما جعل تاكيد هذا التقرير أمراً جوهرياً. وقد قالت مصادر عسكرية لرويترز وتابعة للحكومة المركزية أن الهجمات كانت مدبرة وكان يقودها قوميون راخانيون مرتبطون بحزب سياسي قوي في الولاية وبتحريض من الرهبان البوذيين وبمساعدة أحياناً من القوى الأمينة المحلية، كما قال شهود عيان.
تتابع وكالات الانباء العالمية ومعها الاعلام البوذي الوضع في بورما عن كثب. وقد أعدوا تقريراً عن الرهبان البورميين الذين يشجعون العنف ومن يساعدهم. وبسبب هذه الأخبار والمعلومات قررت حضور "مؤتمر التعريف بالإبادة الجماعية ضد مسلمي ميانمار" الذي عُقد في التاسع من حزيران.
حضر المؤتمر ما بين 250 و 300 شخصية –حيث ارتفع العدد بثبات– وتألف الحضور بشكل رئيسي من شخصيات عريقة في شؤون جنوب آسيا، كما تواجد عدد غير قليل من المسلمين عُرفوا من الحجاب أو الكوفية أو من من زي مميز بهم. كانت بداية المؤتمر موفقة جداً بسبب التوضيحات والنقاط المهمة التي أثارها المضيف "ديفن هنسي Devin Hennessy". ففي هذا السياق قال :"المسلم الميانماري هو أي مسلم يعيش ضمن حدود البلد بصرف النظرعن عرقه"، وهذه فكرة سديدة أن نعتبر أنه هناك أكثر من 100 مجموعة عرقية في بورما تشمل أعداد كبيرة من المسلمين بالرغم من أخبار المسلمين الروهينغيا في ولاية راخين تهيمن على التغطية الاعلامية في الوقت الراهن. ومن جهة أخرى وضع "هنسي" الاسس لمناقشات لاحقة حول استعمال التعابير المناسبة لهذا الوضع وذلك من خلال القول أن الوضع :"تصاعد إلى مستوى الإبادة الجماعية" ومن خلال إستعمال كلمة "إبادة جماعية" بالتحديد لان ما يحصل هو "ضمن المعايير" لاستعمالها.
أُلحِقت هذه الملاحظات الأولية بدعاء من صبي كان حاضراً في المؤتمر وبتصريح من "جفري كوبر Jeffrey Cooper" محافظ ميدنة كلفر. و عندما اعتلى المحافظ المنصة جهزت نفسي للمعتاد: أي الخطابات الروتينية للسياسيين التي يلقوها في هكذا مناسبات. لكن ما حصل كان مفاجأة سارة: فقد تكلم بشكل مؤثر (وهي يهودي متزوج من بورمية مسلمة) عن اثر القضية والحدث في نفسه. وقد رافقت الانطلاقة القوية للمؤتمر إلقاء النشيدين الوطنيين لكل من بورما والولايات المتحدة.
وقبل نهوض المتحدثون للكلام قدمت "جمعية المسلمين البورميين الاميركيين Burmese American Muslims Association" فيديو من اعدادها (مع لقطات من تقرير لقناة الجزيرة الناطقة باللغة الانكليزية) وذلك للتعريف بالقضية لكل من ليس له اطلاع بالوضع في بورما. وقد لفت نظري أمرين في هذا الفيديو حيث ان لم أفاجأ بهما فقط بل مشاهدتهما كانت صدمة لي: الاول هو المقطع من فيلم لقناة بي بي سي BBC الذي يُظهر الرهبان البوذيين يعتدون بعنف على محل لبيع الذهب يملكة مسلم والشرطة تقف مكتوفة الايدي. أما الثاني فكان التفسير الافت لما يحصل في بورما على انه مطابق الآن مع رأي الباحث ورئيس منظمة "مراقبة الابادة الجماعية Genocide Watch" د. "غرغوري ھ. ستانتون Gregory H. Stanton" والمتعلق بالمراحل الثمانية للابادة الجماعية الذي عبر عن هذا الراي بسلاسة.
ثم قام الدكتور ستانتون بتقديم ملاحظات للمؤتمر حضّرها مسبقاً على الفيديو. وقد أشار الى أن محنة الروهينغيا كانت على رادار منظمة مراقبة الابادة الجماعية لمدة سنتين على الأقل وقدمت وجهات نظر مفيدة للتعريف بحقوق الروهينغيا: فهم لا يحملون بطاقات شخصية (وهي تستعمل للتعليم وللسفر) ويعانون من التشريد والسكن في المخيمات ويجبرون على العمل بالسخرة، كما هم محرومون من العمل في الوظائف الحكومية وتفرض عليهم قيود في الزوراج والانجاب، فأوضاعهم مزرية ويتعرضون الى اهانات شتى. وشدد د. ستانتون على وضع اللاجئين الروهينغيا و"سكان القوارب" الذين يهربون من بورما. وبالاضافة الى ذلك أشار د. ستانتون الى ان الاعتداءات على المسلمين في بورما قد وصلت الى مستوى مذابح الابادة الجماعية، وقال :"على العالم ان يصرخ"، كما وجه اللوم الى الناشطة أونغ سان سو كي معتبراً أن صمتها وهي أحد الفائزين في جوائز نوبل للسلام هو امر "غير مقبول". ومن جهة أخرى اوجز د. ستانتون أمور اخرى شعر انه يجب أن تتحقق الآن وهي: (1) على البرلمان البورمي ان يقر قانوناً يجعل الروهينغيا مواطنين يتمتعون بكامل الحقوق، (2) يحب تفكيك مخيمات الللاجئين واعادتهم الى ديارهم بمساعدة الامم المتحدة و منظمة "اتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان ASEAN) ، (3) يجب ان توقف السلطات البورمية كل انتهاكات الحقوق، (4) على بنغلادش ان تتوقف عن إعادة وصد اللاجئين. وكانت هذه اول مرة من مرات عديدة في المؤتمر طُرح من خلالها موضوع المواطنة للروهنغيا.
وقد ترافقت الواقعة الثانية مع حديث "واي هنين بوينت ثون Wai Hnin Pwint Thon" التي كانت الشخصية الثانية التي تتكلم في المؤتمر وعبر الفيديو، وصفة هذه الشخصية هي "ضابط حملة" لحملة بورما في المملكة المتحدة. بدأت "واي هنين بوينت ثون" بكلمة رثاء قالت فيها ان المجتمع الدولي لم يصل بعد الى التوازن الصحيح بين مدح الاصلاحات في بورما وبين القلق او العقاب لانتهاكات حقوق الانسان، كما أشارت إلى أنه تم رفع العقوبات عن بورما بالرغم من عدم الايفاء بالمعايير المطلوبة إذ ما زالت الحكومة البورمية حسب رأيها تنتهك 8 قوانين ومعاهدات دولية على الاقل. وكما أشار الأخرون ذكرت "واي هنين بوينت ثون" الحضور ان حرمان الروهينغيا من الجنسية بشكل خاص يمثل خرقاً للمادة الخامسة عشرة من إعلان الامم المتحدة لحقوق الإنسان، وأضافت :"يسود في بورما العنصرية العارضة وعدم التسامح وعلينا الاعتراف بذلك، فعلى البورميين ان يقرروا ماذا يعني ان يكون المرء بورمياً".
وهنا، وبعد عرض للمعلومات قام منظمو المؤتمر بتغيير وتيرته وافسحوا مجال الكلام للكاهن "جون أووهارا John Iwohara" من معبد "فينس هونغوانجيVenice Hongwanji" البوذي. فقال :" انه من الصعب ان تجد انسان لا يتصرف بانسانية" شارحاً بذلك الطريقة البوذية لسماعدة الاخرين. وأضاف: " الألم وفقدان الاحباء هو شعور مشترك لكل البشر ولا تشعر به اقل او اكثر سواء كنت بوذياً أو مسلماً او مسيحياً. وقد استحضر أقوالاً لبوذا وخبرة الملك أشوكا في حرب كالينغا كمصادر للتفكير البوذي لتصرفهما في هكذا وضع. وتابع قائلاً :" لننتهز الفرصة ونسبتدل الغضب بالمحبة، والعنف بالجمال ولتساعدنا الحياة في إيجاد الجمال والفرح.
وقد تتابع التمثيل البوذي في المؤتمر مع حضور "غوردون ولتي Gordon Welty" من "حملة الولايات المتحدة من أجل بورما" والذي إختار رئيس منظمة "سوكا غاكي الدولية" السيد "دايساكو إكدا Daisaku Ikeda" كمستشار له خلال إلقاء ملاحظاته. ومن جهةٍ أخرى عرض "غوردون ولتي" بصفقته عضواً في مجلس امناء المنظمة أحداث بورما بالتفاصيل و شرح كيف تصاعد الوضع ليصل الى نقطقة الابادة الجماعية. وكسلفه، ذكر "غوردون ولتي" أن الغاء قانون الجنسية عام 1982 كان "الخطوة الأولى" في تكريس المشكلة، واضاف ايضاً انه يجب على السلطات ان تكرس نفسها وبطريقة واضحة لانهاء عنف العصابات والجماعات.
بعد ذلك استعمع الحضور الى خطاب رنان القاه "عمر جبران" العضو التنفيذي لمجلس العلاقات الاميركية الاسلامية CAIR في لوس انجلس، تبعه عرض للصور قدمة "مات رينس Matt Rains" الذي انجز عملاً جباراً ورائعاً من خلال تصوير المسلمين في بورما، وقد أبهر الحضور بكلماته و الصور التي التقتها، وقال انه شاهد علب دي في دي DVD مرسلة من الحكومة الى الاديرة وإلى قاعات الفيديو لتستعمل فيما بعد لاثارة المشاعر المعادية للمسلمين، وتابع قائلاً وبكل ثقة: "كل ذلك تم بنصائح من الحكومة".
ثم تكلمت بعد ذلك "ناما هافيف Naama Haviv" وهي خبيرة في شؤون الابادات الجماعية وتعمل مع منظمة "مراقبة العالم اليهودي Jewish World Watch"، فتحدثت عن الابادات الجماعية بشكل عام. وقد ألقت دعابة حين ذكرت انها المتحدث الوحيد الذي لا يعرف شيئاً عن بورما، لكنها أضافت ان الابادات الجماعية تحصل في اماكن تَرَوّض قادتها على هكذا ممارسات. فذكّرتنا بإبادات رواندا لعام 1994 التي تُعتبر ثاني (ويمكن القول ثالث) حدث من هذا النوع في تاريخ هذا البلد. وهي تشعر ان ماضي بورما المفعم بالعنف نتيجة لحكم الزمرة العسكرية يجعل استمرار مراقبة هذا البلد عن كثب امراً حتمياً.
وقبل ان ينهض متحدث استسثاني ومميز اسمه د. ماونغ زارني Maung Zarni ليتكلم عمد "هنسي" إلى قراءة بيانات التأييد من السيد "إد رويس Ed Royce" رئيس لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية ومن السيد "ميكايل دونيغ Michael Downing" نائب رئيس قسم الشرطة في لوس أنجلس. وسيدرك قراء المجلات البوذية من دون شك من هو د. زارني الذي لمع اسمه مؤخراً في مقالته "القومية البوذيه في بروما" الذي صدرت في احد اعداد مجلة Tricycle: The Buddhist Review، كما أجرى ألكس كارنيغ-لوبل Alex Caring-Lobel معه مقابلة من فترة وجيزة على مدونة Trike’s Awake. و د. زارني هو زميل زائر في كلية لندن للاقتصاد London School of Economics، وقد صفق له الحضور عندما بدأ كلامة قائلا :"بصفتي بوذي وبورمي أقدم إعتذاري عن ما حصل". وقال أنه شعر مضطراً ان "يقول الحقيقة مهما كان الثمن"، متقداً بقسوة جهل زملاءة البورميين بما يحدث من إبادة جماعية، وأضاف "لم يكن بوذا من مواليد بورما، فهل نعتبره غريباً حسب القوانين والظروق الحالية. ومن خلال الانضمام إلى معارضي قانون الجنسية لعام 1982، أشار الى أن "هذه المشكلة حلت على الروهنغيا" وليس العكس.
تلى الكلام بعد د. زارني كل من د. وقار الدين (رئيس اتحاد منظمات الروهنغيا أراكان General of the All Rohingya Union) و د. "نورا إ. رولي Nora E. Rowley" (وهي طبيبة إنسانية تعمل مع اللاجئين في بورما) و "هتاي لوني أو Htay Lwin Oo" (من حركة الحقوق المدنية لمسلمي ميانمارMyanmar Muslims Civil Rights Movement). وقد تركت تعليقات د. رولي انطباعاً لدى الحضور، فوصفت قيادة الدولة "بنظام حكم عنصري متعصب لكل ما هو بورمي"، كما وبخت د. رولي الاعلام العالمي لكسله او تواطئه في تصوير النزاع على أنه بين "راخين وروهينغيا" مشيرةً الى ما رصدته منطمة مراقبة حقوق الانسان عن نشاط لقوات الشرطة الوطنية في البلاد.
تبع ذلك حلقات نقاش و أسئلة وأجوبة مع كل من "هافيف" و د. زارني و د. رولي و د. وقار الدين و لوني أو. ومن الاسئلة التي طُرحت :"لماذا لم تدين الأغلبية البوذية –والتي مفروض أن تكون ضد العنف- الممارسات العنصرية لحركة 969؟". وهل تدعم هذه الأغلبية المنظمة بصمت؟". ثم تحدث د. زارني عن الخطاب الخاطئ والمعتمد على الخوف لحركة 969 وكيف يُجَرّم هذا الخطاب الاسلام ويساهم في ظهور قطاع كبير من المتواطئين البوذيين البورميين في البلاد. ثم اسرد الحديث عن حركة 969 من خلال السجلات فأشار إلى ان هذه المنظمة تحظى بكامل الدعم من الحكومة البورمية. وأضاف :"سوف تنمو وتزدهر حركة 969 في ظل السيناريو الحالي، كما ستسعى للقضاء على الجاليات الاسلامية، لذلك أعتقد انه من الضروي ان تنتبه الجالية البوذيه لخطر هذه الحركة التي تقوم بالتدمير الذاتي للمجتمع البورمي".
فبينما كان سؤال وجواب د. زارني ميفيدين، فان السؤال الأكثر أهمة بالنسبة لي كان :" كيف يمكن للبوذيين ان يقدموا مساعدة وخاصة الذين يعيشون خارج بورما"؟. فعزمت على طرح هذا السؤال على عدد من منظمي المؤتمر، فقال لي أحد المتحدثين ويدعى د. يوسف إقبال :" البوذية البورمية تختلف عن باقي أنواع البوذية"، لذلك لا يعتبرون البوذيين الآخرين مصدر إلهامٍ لهم إلا إذا وُجِد بورمي بوذي من مذهب ترافاد Theravada السائد في بورما يقول "قتل الناس خطأ ويجب ان لا نقدم عليه"، فأنا لست متأكداً إلى أي مدى سيكون هناك نتيجة."
وبالرغم من اعترافه بأهمية مساهمة البوذيين من مذاهب اخرى مثل الكاهن "اوهارا" في التعريف بما يدور في بورما فقد بدا د. يوسف إقبال واضحاً لما يريد فقال انه يريد ان يرى :"مساهة اوسع من مذهب ترافاد المنتشر في بورما، فعلى أتباع هذا المذهب ان يشاركوا خصوصاً أولئك الذين يملكون سلطة روحية".
أما "يوسمان مادا Yusman Madha" المتحدث المشارك مع إقبال فبدا أكثر تفاؤلاً بخصوص الجالية البوذية في كل انحاء العالم. وفي ردٍ على سؤال طرحته حول جدوى وجود استجابة واضحة من رجال الدين البوذيين تجاه الوضع قال يوسمان مادا :"ستكون مشاركتهم نافعة بالتأكيد، ويجري انتهاك تعاليم معتقداتهم من هؤلاء البلطجية، لذلك عليهم ان يرفعوا صوتهم، وهناك رهبان في بورما يرفعون صوتهم، لكنهم أقلية". وقد وافق د. وقار الدين على ذلك وأخبرني أنه :"يمكن للمنظمة البوذية الأميركية ان تعتمل الكثير للتأثير على الرهبان ]المعادين للاسلام[ في بورما. ونحن نعتقد أنه يمكن للقادة البوذيين الاميركيين ان يكون لهم تأثير هائل في هذا الوضع، كما يمكنهم ان يعملموا البوذيين الهراطقة في بورما انهم ليسوا على الصراط المستقيم. وبالواقع نود ان نفتح أكثر من حوار مع الجالية البوذية الاميركية. وقد تكلمنا مع عدد من الرهبان هنا في أميركا وأبدوا تجاوباً معنا. فلدى الغالبية العظمى من البوذيين البورميين في أمركا نظرة مختلفة تماماً ]عن أقرانهم في بورما[. ويمكننا ان نعمل سوياً: الروهينغيا في المنفى والطائفة البوذية الاميركية." و أضاف د. وقار الدين :" نتطلع الى إنشاء هذه الاتصالات مع البوذيين الأميركيين، لكننا لا ننعرف كيف سيتم ذلك وما هي الوسائل للقيام بهذه المهمة. كما لا نعرف مع من نتصل او كيف نتصل بهم. لقد طلبنا مساعدة الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية إسنا (Islamic Society of North America - ISNA) في عملية فتح الحوار. علينا ان نتصل بالقادة البوذيين ونتناقش معهم ونطور استراتيجيات."
صممت على المساعدة قبل انعقاد المؤتمر بفترةٍ طويلة. وبعد الكلام مع د. وقار الدين عن الاتصال اود ان اقول انه مهما كان الامر يستحق العناء فأنا مسرور لاساعد بأي وسيلة تُتاح لي لاسس هذه الاتصالات ويبدأ الحوار. فلو كنتَ قائداً لاي مجموعة من مسلمي ميانمار وتحتاج إلى مساعدة في الاتصال اترك تعليقاً من فضلك. واذا كنتَ قائداً بوذياً أرجو أن لا تتردد في ترك تعليق تنبهنا فيه لأي شيئ يمكن أن تقدمه.
قدم د. وقار الدين نقطة بداية جيدة لنا بالنسبة للبوذيين في أميركا وهي اجراء محادثات بين القادة البوذيين الأميركيين والروهنغيا في المنفى، واقله لنعمل كبوذيين أميركيين على تحقيق ذلك.
وهنا وخلال المؤتمر لوحظ انه الحدث حمل عام 2013 على عنوانه مما يعني ان الجالية الاسلامية في ميانمار ستواجه لما ينذر بصراع طويل. واذا كنا نحن البوذيين في أمركا نتوق الى حب كل الاشياء مثلما تحب الأم ولدها الوحيد علينا ان نتواصل ونتحادث مع قادة الروهينغيا باستمرار ولا يتحول ذلك الى حدث سنوي.
(ترجمة : سعيد كريديه)